صحافة

                                                  

الأربعاء، 30 يوليوز 2008

الحر بالغمزة ...

الحر بالغمزة ...
دكا كين حزبية بالجملة وسياسة شاطا ماطا
محمد صولة

أتصور أنني لا أعرف في السياسة أي شيء، ماذا يعني هذا في بلد يدعي أنه يحارب الأمية والتخلف وكل أشكال العبودية والشطط والمحسوبية ... ؟ قد أفترض العديد من الأسئلة لكنني أشعرأنني غير قادر على الإجابة عنها ، هكذا هي مشيئة فضاء ( سياسي ) أصبح من المستحيل على المحللين استقصاءه تحليليا ، وإذا كان البعض قد استخلص التباسه وتركيبه ، والبعض الآخر توصل إلى تقليديته وعدم اندماجه في التطورالحاصل في العالم ، فإن هذا ولد سرعة التداخل بين السياسي والإجتماعي والثقافي والفني –الجمالي ، وإلا بماذا نفسر الصراع التقليدي الذي تم تطويعه لصالح مرحلة أفرزت لنا في النهاية ما يسمى بالإنتقال الديموقراطي ، ثم بعد ذلك بدأنا نلاحظ كيف أن المشهد السياسي بدأ يتهجن ويتخذ طابع البلقنة ، فهذه الصورة كانت في مراحل ماضية ، هدفها هو الحفاظ على تساكن الطبقات الإجتماعية ، وعلى إخضاعها إلى منطق فرق تسد ، أو الإنتهاك والصيانة ، لاأريد أن أقول بأن الفاعل السياسي قد بات متجاوزا في فضاء تعددت فيه إمكانيات التواصل ، أو أن إطاره (حزبه ) أصبح بمثابة دكان من الدكاكين التي تفتح أبوابها في الصباح لتغلقه في المساء ، إنها دكاكين حزبية بالجملة ، كل طرف إلا وينتقد الآخر بعدم توفره على برنامج متناسق وخطة عمل مضبوطة ، ورؤية واضحة وهادفة ، هذا سلفي يسكن الماضي ولا يحيد عنه ،وهذا ليبرالي يحاول أن ينفتح على السوق وعلى تحرير اقتصادياتها ، وهذا اشتراكي مشتت بين الإجتماعي والماركسي اللينيني والماوي والغيفاري والوحدوي والقومي ، وهذا شيوعي يريد أن يستعيد سياسة الإتحاد السوفاتي التقليدية ، وهذا إسلامي يتغيا الخطاب الديني ، لست أدري إن أنا نسيت شيئا من هذا الخليط من الحراك السياسي ، ربما هناك أشياء أخرى ، قد تكون هي أبعد من الديموقراطية كلعبة سياسية ، وقد جاء في مقال للأستاذ عبد العالي بنعمور معنون ب "انتهى عهد الاتحاد الإشتراكي بمفهومه التاريخي " المنشور بجريدة الأحداث المغربية ، العدد3455 ، 24 يوليوز 2008 ، الصفحة 1 و17 ،ما يلي : في الواقع ،إن التباري الديموقراطي شيء إيجابي ، لكن على أساس أن يرتكز على اتجاهات فكرية وبرامج اقتصادية واجتماعية واضحة ، وعلى ضرورة قبول النتائج الديموقراطية بدون حسابات انتقامية ، ومع الأسف ، فالحاصل الآن هو العمل الشرس للوصول إلى السلطة من اجل السلطة " ،لذلك فهذا الحزب إذا أخذناه كنموذج فاعل في المعارضة الكلاسيكية ، وليس كتحصيل حاصل ، نجده قد فقد كل آلياته التكتيكية و الاستراتيجية ، وبات عليه أن يغير شكله ومضمونه ، خاصة بعد أن غادره شبابه الذين كانوا يشكلون قاعدته الصلبة ، وبقيت فيه إطارات تم إفراغها من أسئلتها وربطت بدواليب الحكم ، هذه الحالة السوداوية والنكوصية التي حدثت في جل الأحزاب المغربية هي التي أوصلت البلاد والعباد إلى هذا المصير الذي يتباكى عليه الجميع الآن ،والسيد عبد العالي بنعمور يقسم المشهد السياسي في نفس المقالة المشار إليها سابقا إلى :
حزب الإستقلال –إسلاميون ديموقراطيون .
حزب العدالة والتنمية – إسلاميون راديكاليون .
حركة لكل اليموقراطين – متجددون يجمعون بين الحداثة الإقتصادية والمحافظة السياسية .
الإتحاد الإشتراكي – تيار اجتماعي ديموقراطي حداثي ( يقول بنعمور كان عليه أن يجسده ) .
إن مانراه من تهافت على الكراسي ، و محاولة الوصول إلى الهدف عن طريق المحسوبية والزبونية ، وانبطاح المثقف وبيع وشراء الذمم وإقصاء البعد الإنساني وإفراغه من صدقيته وقوته ، يجبر الفرد على أن يفقد الثقة كلية في ما حوله من مظاهر ، ويعتبرها مجرد طرهات ومباذل لا تستحق إعطاءها القيمة الضرورية لها ، لذلك فهو يمقتها ( أي السياسة ومزاولتها ) ويقصيها ، فهل نضع بالضرورة السؤال التالي المرتبط بالتخطيط للمستقبل السياسي للمغرب ، وهو على الشكل التالي : هل هناك وظيفة محددة للأحزاب بالمغرب ؟ ربما أن الفضاء العام لايبشر بخير ، على الرغم من أن السيد الهمة يحاول الآن أن يملأ هذا الفراغ ، وإذا كان كما يرى البعض (فؤاد مدني في مقاله : حزب الهمة سيحمل إسم (( الأصالة والمعصرة ))ومؤتمره التأسيسي في نوفمبر، جريدة المساء ، عدد579 ، 29 يوليوز 2008 ، الصفحة 1 ) بأن منطق التحالفات بدأ يعد العدة لمواجهة التباس المستقبل ، وهكذا يتم تجميع كل من أحزاب العهد ورابطة الحريات والوطني الديموقراطي والبيئة والتنمية والمبادرة الوطنية للتنمية في سلة قطب واحد هو حزب الأصالة والمعاصرة ، ،أي تحت غطاء حركة لكل الديموقراطيين ، فهذه الأحزاب الصغيرة لم تكن لها قواعد لتخسرها الآن ، وإنما هي في الأصل مستعدة في أي وقت لإتمام تأثيث الصورة ، وهذا ما فهمه الجميع وترك اللعب السياسي بدون مشاركين فاعلين ، بل جعل الملعب فارغا حتى من الجمهور ، وإذا ما أردنا إدخال اللاعبييت القدامى من الإتحاديين والإستقلاليين والتقدميين ، فإننا نجد عناصر اللعبة خاسرة من البداية ، لأن جل هؤلاء فقدوا المصداقية وأدوات التأييد والضبط والتحكم ، وإلا كيف نفسر عدم نجاح الإتحاديين في إتمام مؤتمرهم ، وتهرب البعض من أنجاز مؤتمره في موعده المحدد ؟
خلاصة القول يمكن التوقف على المزالق التي لم يصححها البعض ، وعلى نزعة الإستعلاء التي مارسها السياسي على المواطن ، لأن الديموقراطية إذا لم تتحقق في الحزب لايمكنها أن تتحقق في المؤسسات التي يتم التخطيط لها مسبقا ، فهذه الأحزاب غير المتوبلة هي زوايا منغلقة على قدسيتها ، ولا علاقة لها بالواقع المعيش ، وحتى الذين ينعتوننا بالتيئيس والعدمية هم لا يقرؤون المجتمع بمنهج تحليلي متكامل ، لأنهم لا يرون إلا أمامهم والكراسي التي يجلسون عليها ، فما هو مشروع الدولة الحديثة ؟ وما هي استراتيجياتها للتغلب على مخاطر المستقبل؟ ، إنها أسئلة كبيرة وتتطلب أجوبة في مستواها .

ليست هناك تعليقات: