صحافة

                                                  

الثلاثاء، 30 يونيو 2009

انتخابات مغاربة حتى الموت

الحر بالغمزة ...
انتخابات مغاربة حتى الموت
محمد صولة
Sawlamohamed@hotmail.com
كنت أحاول أن أفهم المنطق الإنتخابي في هذا البلد السعيد، في بلد مغاربة حتى الموت ، لكني لم أفهم أي شيء ، لأن ما لاحظته ، وما لاحظه معي الجميع ، تمثل في أن اللعبة السياسية لم تكن إلا صورة مشوهة للمعنى الحقيقي للديموقراطية ، وحتى لو افترضنا أن هذه الأخيرة هي في الأصل مرتبطة بالحكم الشعبي ، فإنها هنا تم تغييبها لصالح جماعات عشائرية وقبائلية تحاول الحفاظ على مصالحها لا غير ، فمن يصدق اللعبة إذن ؟ إن ماوقع وما حصل يبين أن هذا المنطق لا يفهم إلا عند فلاسفة التشكير( أصحاب الشكارة ) وبائعي الضمائر في سوق الجملة والمنتسبين إلى المجال السياسي ،وهم لايفقهون فيه إلا المحسوبية والمصالح والإرتشاء والوصولية ، فانظروا معي كيف أن البعض يشكل لائحة من مختلف الفئات، والتي لايجمع بين أطيافها إلا الخير والإحسان، والبعض الآخر يتحالف مع أعدائه الألداء بالأمس ، فالصراع السياسي كما نظر له الفلاسفة والفقهاء لايمكنه أن يخرج عن إثنين ، لكنه هنا تجاوز حدود المقبولية المطلوبة إلى أقصاها ، وبات وبالا على المجتمع ، لذلك رأينا فسادا وتزويرا ونفاقا وتسلطا ، وأكثر من ذلك تواطؤا بين الواحد و الآخر بغية الوصول إلى النتيجة مهما كلف الأمر ذلك .
وإذا كان المنطق الإنتخابي يدفع بالذي حصل على أكبر عدد من الأصوات أن يتبوأ المراكز الأولى، فإنه هنا أظهرالعكس ، إذ كيف يمكن لحزب أن يبرز في أيام معدودات أن يمنح حصة الأسد في الأصوات ، ويدخل في صراع مع اللوبيات والشناقة ويهدم تحالفات ويبني أخرى بديلة ، هذه الصورة تعري الواقع السياسي وتجعله يتعرض إلى إختلالات ، ويرجع إلى الدرك الأسفل ، لأن المنطق في السياسة خرج عن قاعدته ، وأصبح مرتبطا بأشياء أخرى لايمكن فهمها إلا في عالم الفوضى.
إسمحوا لي بأن أفهم بطريقتي الخاصة ، لأني سمعت أحدا في المقهى يقول لصديقه يستفسره عن تشكيل المكتب وهوية الرئيس الجديد بالصيغة التالية : واش مازال ماخرجوالسروال ؟فهمت أن المسألة أصبحت مثل عرس ، وربما – وهذا هو الأنسب – أن هناك عريسا من بين الإخوة الحاضرين سيزفون إليه العروس ، لماذا لا والأغلبية كانت مكبلة مدة من الزمن القياسي ، تخاف على وليمتها وعرسها ، من شر العين والحسد والثقاف ، ولهذا عملت بحكمة الشيخ ولد قدور ( من إبن احمد ) الذي قال :" كتفوالمفلس تايفوت العرس " ، وهكذا بقيت الأمور على عواهنها وبخواتمها مشدودة إلى أساليب الحيطة والحذر ، إلى أن سقط الذي سقط ونجح من نجح ، فكان أن ظهر أحد المستشارين وهو يرغي ويزبد ، ويسجد ويضرب الطاولة بيديه أمام مرأى المستشارين والصندوق الزجاجي المسكين يقذفه برأسه ،كل هذا وقع أمام رجال الوقت دون كلل ، لأن المسألة فيها أشياء أخرى ، عدم التصديق بالمكان ، ماسلب منه ولم يتم استرداده ، وبذلك ف " حتى مش ماتيهرب من دار العرس ".
وإذا أردت أن أفهم بلغة أخرى ، سأربطها بلعب الكبار وأقول : إذا كان هانس كوفمان قد قال بأن غوغان اختلق نظرية التشويه الذاتي ليتستر بها عن فعلته إزاء فان غوغ ، فإن الدولة في صورة وزارة الداخلية عندما منحت الثقة لهذه البلقنة بأن تنغرس في قلب المجتمع بهذه الشاكلة ، فإنها بدورها اختلقت نظرية المسخ الإنتخابي، إذ بات من الضروري النفور من العملية ، لأنها برمتها ليست متزنة وواضحة ، وقد قال الروائي الجزائري الطاهر وطار في روايته "عرس بغل" :" العرس عرس وإن كان عرس بغل" ، وعند العبدري الذي يرى أن الغرب كمنطقة " عكس بلاد القبلة " ، فالغرب عنده " دنيا بلا رجال والقبلة رجال بلا دنيا " ، وإذا كان السؤال المحوري هو : ماذا بعد الإنتخابات ؟ فإن مايريده المواطن العادي هو أموره الدنيوية فقط ، أما الآخر فحدث ولا حرج .