صحافة

                                                  

الأحد، 7 شتنبر 2008

محمود درويش .. ذاكرة يشتعل فيها بحر الشعر




محمود درويش .. ذاكرة يشتعل فيها بحر الشعر

محمد صولة

أيهذا الكائن الأسطوري الذي يموت في المجهول ويحيا في الذاكرة ، أجل هي السماء التي تمتثل لقضاء أرضها ، تنزل رويدا رويدا إلى حافة العلى ، حيث تنصب آ لهة الشعر خلودها نصا يستعصي على الخلق ، وما وراءه لاشيء ، هو عمق الفن والجمال والحب ، صوت اللامنتهى ، شساعة الأبدية ، ريح تتنكر لغلواء الزمن ، هذا الكائن الذي فاجأ الكلام ، وأي كلام يمكنه أن يستجمع فتيت لوحه الغميق ؟ وبأي صلصال يمكنه أن يمحو مجد الخراب الجميل وشغب الروح داخل قصيدة تكتب بدم الجسد ؟

هناك حجر على مشارف القلب يخبئ شيئا لايموت ، أبدا لن يموت كما مات طعم السؤال ،هل ذهب ذلك الصوت الدرويشي الآن ؟ بلى لم يذهب ، من قال ذلك ؟ كل الشعراء بعد النص الدرويشي سيخلدون إلى الراحة ، سيقلبون تراب الكتابة وسوف لن يجدوا شيئا ، غير طبقات تحاول أن تتآلف مع موادها العضوية ، لن ترحل ، لن تغادر ، ستبقى ، نصك جسد أبهى ،

كيف تخونك الحكمة وترغمك على

أن ترحل في الغياب ، وأنت تعيش في حضرته؟، هل تنسى ولك ذاكرة للنسيان ؟

ما أجمل أن يعيد المرء تشكيل وجهه ليرى نرسيسيته في مرآة الماء ، ربما سيخلع قناعه الأزلي ويعانق الحقيقة ، ليس هناك بالمثل ، ولست هنا الآن بالفعل ، لقد لعبت لعبتك الأخيرة ، وما تبقى لك فيها غير قرصنة استغوتك ، لم تكن امرأة قصيدة ، شيئا ما ماعدا جسدك ، أنت وحدك الآن تعرف كل شيء ، ، أنت الوصية ، أنت ما بعد البكاء والرثاء ، أنت أكبر من خطاب أمي يدعي السلام والديموقراطية في زمن عزت فيه إنسانية الإنسان وحريته المفقودة ، والقصيدة أنت ، ربما ، من يتقن فن الصمت في اللغة والخطاب والمعنى ، والآخر يستحلب عنفوانك ليزداد شراسة ، هو هكذا ، وهو كذلك ، نم ، إنك في الميراث الإنساني الجميل ، ولاتخاف ، كل الشرفاء سيحمون يواقيت شعرك في صدورهم كما حموا درر المعري والمتنبي وغيرهما ..ولأنك الآن هناك ، فأنا هنا أزداد ولعا بك ، وحبا فيك أضع شعرك إكليلا فوق رأسي وأمارس طقوسي الخاصة بي وحدي ، لأنك كنت في عزلتك وتحتضن أصوات وعذابات العالم المقهور .